توقف عن القراءة بعد خمسين صفحة
د. وسام مصلح
إنها
إحدى النصائح المهمة للتشجيع على القراءة. أعط الكتاب الذي بين يديك فرصة ليشرح
نفسه وما يريد أن يقوله لك كقارئ. خلال الخمسين صفحة الأولى، حاول بجدية أن تركز
جيدا، وتعطي كل الكلمات والجمل أهمية كبيرة. إذا وجدت نفسك مشغولا جيدا في هذه
العينة من الصفحات، فاستمر في القراءة. وإلا، توقف، ولا تندم على ذلك. هذه القاعدة
الذهبية تشير إلى أن القارئ يحتاج إلى قليل من الصبر ليتكيف مع نغمة وإيقاع السرد
في الكتاب الذي بين يديه، فليست جميع الكتب متساوية في هذا الصدد. وبعد أن تقضي
بعض الوقت في قراءة الخمسين صفحة، تمنحك هذه القاعدة الإذن بالتوقف. فليس من
الضروري أن تجبر نفسك على قراءة كتاب لا تتفاعل معه. وهناك جانب آخر يمكن أن يكون
مفيدا للأشخاص الذين يتمتعون بحب الكمال وإنهاء الكتب من الصفحة الأولى إلى
الأخيرة. فهناك قول يقول "إن القارئ يمكنه أن يعود إلى الكتاب عندما يشعر
بأنه جاهز لذلك"، لذلك إذا كنت تشعر بالندم لعدم إكمال الكتاب، يمكنك التوقف
ووضع الكتاب جانبا، وعندما تجد نفسك جاهزا، فلا مانع من العودة وقراءة خمسين صفحة
أخرى. أتذكر أنني قضيت أكثر من عامين في قراءة رواية "رحلة الدم"
لإبراهيم عيسى. منذ بدايتها، لم أجد نفسي متحمسا لقراءتها، ولم أستطع الانغماس في
سردها، إنها ثقيلة، بسبب كثرة المعلومات التاريخية التي تتطلب التحقق والبحث، ولا
يمكن تصديق كل ما ذكر فيها بسهولة. ومع ذلك، أعطيت نفسي الفرصة مرارا وتكرارا. في
كل مرة شعرت فيها أنني جاهز لمثل هذا الإيقاع من الروايات، عدت لأقرأ خمسين صفحة
أخرى. ومن ناحية أخرى، عندما قرأت رواية "موت صغير" لمحمد حسن علوان، لم
أتوقف عن القراءة حتى النهاية. شعرت أنني استطعت التغلب على الكلمات والجمل،
وانغمست بالرواية حتى النهاية دون ملل أو تعب، على الرغم من أنها تتجاوز 600 صفحة
تقريبا. إن الكتب، مثل أي شيء آخر في الحياة، تحتاج إلى فرصة عادلة، ولا يجب الحكم
عليها بسرعة. وفي الوقت نفسه، إذا شعرت بأن هناك شيئا غير مناسب بالنسبة إليك، فلا
تتردد في التخلي عنه على الأقل في الوقت الحالي. وعندما تجد نفسك جاهزا، لا تتردد
في العودة مع حذر شديد وروح جديدة.
0 تعليقات