عشرة أيام مضت من هذا الشهر المبارك، شهر القرآن، وقلب الجزء العاشر من القران هي سورة التوبة ، هذه السورة آخر مانزل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم وهي سورة مدنية نزلت على مجتمع مستقر مضى على دعوته 22 عاما ودخل في الإسلام الكثير من القبائل وتعددت الثقافات والمشارب في المجتمع. وانقسم المجتمع مابين من إيمانه راسخ وبين من لايزال يتهاوى مابين الحق والباطل. وفي تلك اللحظة الحاسمة أنزل الله البيان الختامي والنهائي وهي سورة التوبة التي تفصل هذا المجتمع وتعدد صفات كل قسم منه ، فأول ما افتتحت به هو البراءة من المشركين ثم تناولت المنافقين ، ثم المؤمنين ، وأكد الله أن التوبة مفتوحة للجميع إذا صدقوا.
نحن أمام سورة تتبرأ من المشركين والكفار ، فاضحة وكاشفة للمنافقين وصفاتهم، مقشقشة لأنها تبرِّئ المؤمن من النفاق. سورة تعددت أسماءها ووصلت إلى 14 اسما تقريبا لأن في كل سطر منها حكم أو خبر أو إعلان أو تصريح. فبالإضافة لما ذكرناه سابقا أطلقوا عليها البحوث والمنقرة والمدمرة والمحفرة والمبعثرة ، وكما ترون فهي كلها رؤوس موضوعات لما جاء في هذه السورة من بيان ساطع كالشمس لامكان ولامفر ولا ملجأ لأحد.
عندما تقرأ سورة التوبة فجهز نفسك لمحاكمة علنية وحوار شديد اللهجة من الله سبحانه وتعالى وستشعر أن قلبك سينخلع من شدة الكلمات وقوتها ، فالسورة لن تبدأ ببسم الله الرحمن الرحيم ، وستفاجأك بكلمة براءة ، فلا مقدمات ولا تسبيحات ولاتكبيرات ، فالأمر لايحتمل المقدمات.
هذه السورة سترى فيها صفات وخصائص ومشاعر المنافقين وهم أشد خطورة من المشركين لأنهم يعيشون بين المؤمنين في خفاء شديد، فاحذر أن يكون فيك صفة من تلك الصفات ، حاول أن تركز في صفات المؤمنين وحبهم لله ورسوله وكيف تعاملوا مع الأوامر المطلوبة منهم والنواهي التي أمروا أن يجتبوها.
سورة عند الانتهاء منها ستجد نفسك قد فرغت لتوك من محاكمة فعلية وخاصة عندما يصدر الحكم النهائي على هؤلاء الثلاثة الذين تخلفوا عن رسول الله في معركة تبوك وعند عودته صلى الله عليه وسلم لم يقبلهم عذرهم وأمر أن لايكلمهم أحد ولايتعامل معهم أحد، حتى يأتي الحكم من الله ، وبقوا على هذا الحال لمدة 40 يوما حتى ضاقت عليهم الأرض بما رحبت. وعندما يصدر الحكم وينزل الله براءتهم ستشعر بفرحة التوبة وسوف يقشعر بدنك وتنزل دموعك فرحا بهذه التوبة.
نحمد الله أن جعل لنا باب التوبة مفتوح لكل فئات المجتمع الإسلامي ، المطلوب منك أن تقبل على الله وتصدق في ذلك. إن الله يفرح بتوبة العبد فرحا شديدا.
إنها سورة تزلزلك تفتح لك آفاقا جديدة وعالما آخر ، في كل مرة ستقرأها ستجد أنك تتعرف على نفسك من جديد.
اللهم تقبل من الثلث الأول من رمضان وأعنا على ماتبقى منه ، يارب العالمين.
0 تعليقات