على العكس تماماً ممّا يؤكده المفكرون أن لا تلاقي بين الإسلام والغرب، وأن
العلاقة بين «الأنا» و«الآخر» تسير إلى مزيد من الاختلاف والابتعاد؛ يبحث المؤرخ
التركي إبراهيم كالين في كتابه «مقدمة إلى تاريخنا والآخر وما وراء العلاقات بين
الإسلام والغرب»، ترجمة أنس يلمان، عن نقاط مشتركة بين العالمين. وينطلق في
مقاربته هذه من التاريخ المشترك للمجتمعات الإسلامية والغربية، ويبرر هذه
الانطلاقة من تشابك الحقائق مع التصورات لهذين التاريخين، يقول كالين: «تظهر على
صفحات هذا التاريخ تحولات بين الحرب والسلام، والعدالة والاضطهاد، والحرية
والعبودية، والثقة والخيانة».
وبهدف رصد هذه التحولات يرسم إبراهيم كالين ما يعتبره مخططاً لتاريخ العلاقات الإسلام والغرب. ويتمُّ ذلك بدراسة التفاعل بين هذين العالمين، وليس بدراسة تاريخ كل منهما بشكل منفصل. ومن أجل فهم هذا التاريخ الممتد على مدى ثلاثة عشر قرناً من الزمن، يشرح كالين مصطلح «الأنا» ومفهوم «الآخر» وتصورات الزمان والمكان، ورمزية اللغة والصور والمصطلحات السياسية؛ ويحاول من خلالها النفاذ إلى عالم المعنى الذي أنشأ هذه التصورات والأفكار. ولمزيد من الفهم يلقي كالين نظرة فاحصة على أشكال الهوية والتعريفات الذاتية لدى كل فريق.
وفي مقارنة نقدية لافتة يناقش كالين في كتابه أيضاً الجوانب الإشكالية لتصورات الغرب عن الإسلام، ورؤية العالم الإسلامي للغرب. ويطرح العديد من الأسئلة حول مدى معرفة العالم الإسلامي والغرب ببعضهما بعضاً قبل البحث في صيغ الحياة المشتركة.
0 تعليقات