أولا: مراحل تكوين العادات
يعتقد العلماء بأن %40 من السلوكيات التي نقوم بها
يوميا هي في الأصل عادات تعودنا عليها، ونقوم بها دون أي وعي.
وتمر أي
عادة بثلاث مراحل رئيسة، وهي: أولا، المحفز: يستجيب عقلك أولا لمحفز كي يقرر من
خلاله ما هي العادة المناسبة لهذا المحفز كمثال عندما يرن المنبه أو عندما تتلقى
اتصالا هاتفيا. ثانيا، الروتين: وبعد استجابة عقلك للمحفز يقرر بعدها القيام
بالعادة المناسبة لهذا المحفز. مثال، عندما يرن المنبه فتقوم بتفريش أسنانك. فعقلك
في هذه الحالة وجد المحفز، وهو رن المنبه وبعدها قام. بممارسة ”الروتين“، وهي
العادة المناسبة لهذا المحفز كقيامك بتفريش أسنانك. ثالثا، المكافأة: وبعد قيامك
بالعادة التي اعتدتها، يرتفع نشاط المخ لديك ويقوم بتعزيز ممارسة هذه العادة
وربطها بشكل أكبر بالمحفز،
كيفية تغيير العادات
جميعنا لدينا عادات سلبية نسعى للتخلص منها، كعادة
التدخين مثلا. فلو افترضنا بأن هناك شخص لديه عادة سلبية وهي التدخين بشراهة،
وبدأت صحته تتردى قليلا، وعند ذهابه إلى الطبيب نصحه الطبيب بالإقلاع عن التدخين
فورا.
فقرر أن يسعى جاهدا للإقلاع عن التدخين. سيواجه في
بادئ الأمر بعض الصعوبات التي قد تعيقه عن ترك هذه العادة. مثل اضطرابات مزاجية أو
شعور غير مريح جراء تركه هذه العادة. إن التخلص من العادات السيئة يتطلب مجهودا
إضافيا، وفي هذا الكتاب تم وضع بعض النصائح التي تساعدنا في التخلص من أي عادة
سلبية نود التخلص منها، وكيفية زراعة عادة إيجابية جديدة بدال منها. ولتغيير أي
عادة سلبية يجب عليك أن تركز على تغيير الروتين مع الحفاظ على المحفز والمكافأة.
فمثال،
عند تفكيك عادة التدخين، سنجد بأنها تتكون من
الثلاث مراحل التي سبق ذكرها، وهي: المحفز: الشعور بالضغط أو بالقلق.، الروتين: البدء
بالتدخين.، المكافأة: الشعور بالارتياح نتيجة ممارستك هذه العادة، وهي” التدخين“. ولتغيير
هذه العادة ينبغي عليك فقط تغيير الروتين فعند شعورك بالضغط أو القلق قم مثال
بالاستماع إلى درس مفيد على اليوتيوب، أو حاول أن تجري اتصالا مع صديق مقرب، بدلاً
من التدخين. ولكن تغيير الروتين ليس بالأمر السهل، ونحن بحاجة إلى شيء يساعدنا على
تغيير الروتين، فالروتين يبدو من الصعب تغييره أو استبداله بروتين آخر، فهو يحتاج
إلى شيء يسمى "قوة الإرادة" وهو الشيء الذي سوف يساعدنا في تغيير
الروتين، وقد يكون تغيير الروتين مستحيلا دونه. إن قوة الإرادة هي العادة التي
ستساعدك على تغيير جميع العادات الأخرى، وبدونها لن تستطيع التخلص من عاداتك
السلبية. وفي دراسة شهيرة من جامعة ”ستانفورد“، وجدوا بأن الطفل الذي يتمتع بإرادة
قوية من خلال قدرته على تجنب إغراء الحلوى، يحقق نجاحا أكبر من أولئك الذين لا
يتمتعون بإرادة قوية، على المستوى الأكاديمي والاجتماعي. ونستطيع تقوية عضلة
الإرادة لدينا عبر التركيز على تقوية هذه العضلة، فهي كجميع عضلات الجسم الأخرى.
تتطلب تركيزا ومجهودا كبيرا كي يمكننا تقويتها، وعند تقويتها ستستطيع حينها تغيير
أي عادة أخرى. فمثال، عندما تواجه صعوبة في الذهاب إلى النادي يوميا، ينبغي أن
تحاول التركيز على تقوية عضلة الإرادة لديك، عبر مشاهدة بعض الفيديوهات التحفيزية،
أو مكافأة نفسك عند مواظبتك الذهاب إلى النادي باستمرار. ومع مرور الوقت، ستكتشف
بأن عضلة الإرادة لديك أصبحت أقوى من السابق.
وسائل عملية تساعدك على تغيير عاداتك
السلبية.
هناك العديد من العادات التي تشكل سلوكياتنا،
السلبية والإيجابية. وهناك أيضا العديد من الوسائل التي يمكننا من خلالها تغيير
عاداتنا السلبية، وسنعرض في هذه الخاتمة عدة خطوات يمكننا من خلالها تغيير أي عادة
سلبية واستبدالها بأخرى إيجابية.
1. تغيير الروتين: فمثلا عندما
تكون لديك عادة” تناول الوجبات السريعة“، فالروتين هنا هو تناول الوجبات السريعة.
2. استبدله بروتين جديد: عندما تود
مثلا التخلص من عادة” الأكل من الوجبات السريعة“ قم باستبدالها بروتين آخر جديد،
ومن المهم أن تقوم بتجربة أكثر من روتين حتى تكتشف المحفز وراء هذه العادة التي
تود تغييرها، فكما قلنا سابقا بأن كل عادة يقف خلفها محفز يقوم بتحفيزك على هذه
العادة، لنعود إلى المثال السابق، فبعد اكتشافنا للروتين الذي نود تغييره، وهو
”تناول الوجبات السريعة“ سنقوم باستبداله بروتين جديد في كل مرة نود فيها بتناول
الوجبات السريعة. مثال نقوم بشرب القهوة في اليوم الأول، وتناول الفاكهة في اليوم
الثاني والتحدث إلى صديق في اليوم الثالث، والهدف من هذا هو معرفة الدافع، فإذا
كان الدافع هو الجوع فسيزول عند تناول الفاكهة، وإذا كان الشعور بالوحدة هو الذي
يدفعنا إلى تناول الوجبات السريعة، فالتحدث إلى الأصدقاء سيزيل هذا الشعور.
3. قم بعزل الدوافع: وبعد أن
عرفنا العادة التي نود تغييرها، والدوافع وراء هذه العادة، يجب علينا الآن التعمق
في معرفة هذه الدوافع وعزلها تماما عبر الإجابة على خمسة أسئلة تمكننا من معرفة
الدوافع الخفية بعمق أكبر، وهي: موقع العادة: في العمل، وقت العادة: ٩ مساء.، الحالة
العاطفية: ضغط عمل.، الأشخاص المؤثرين: مدير العمل.، الفعل الذي يسبق العادة: الانغماس
في العمل. والآن أدركنا بأن الدافع الذي يحث على تناول الوجبات السريعة هو ضغط
العمل، وتُثار هذه العادة في الساعة التاسعة مساء.
4. وضع خطة: وأخيرا، بعد أن أصبح بمقدورنا تحديد الدوافع بشكل دقيق للغاية، ينبغي علينا أن نقوم بوضع خطة لاستبدال هذه العادة بعادة أخرى إيجابية. وبالعودة إلى المثال السابق، ينبغي علينا أن نقوم بوضع روتين جديد مثال تناول الفاكهة بدلاً من تناول الوجبات السريعة. إذا، في الساعة التاسعة مساء يوميا ينبغي تناول الفاكهة، فهذا هو الوقت التي تُثار فيه عادة تناول الوجبات السريعة. ختاما، إن تغيير العادات يتطلب جهدا كبيرا، وينبغي أن تكون في كامل عزيمتك وإصرارك ولا بأس في الوقوع ببعض الأخطاء، ولكن المهم حقا هو أن تستمر في الالتزام بتغيير عاداتك السلبية.
مرامراجعة د.وسام مصلح
0 تعليقات