يروي الإسباني راي لوريغا في روايته «استسلام» عن مدينة تعيش مرارة الحرب وتحاول الخروج من المحنة التي تحاصرها من خلال سبل مبالغة في التفافها وتحايلها على الواقع، عبر بناء مدينة شفافة يتم جمع الناس فيها، بحيث يكون كل شيء زجاجيا مكشوفا ولا يمكن إخفاء أي شيء فيها، حيث يكون الإنكشاف السمة الرئيسية فيها.
تخيلو راي لوريغا في روايته عالما يحاكي مدينه أفلاطون الفاضله لكن بصيغه تمزج السخريه بالجدية التي تهزأ من الحرب والممارسات القمعيه التي ترافقها، ويمضي مقتربا من عالم جورج أورويل الكابوس حيث الأخ الأكبر الذي يختار للشعب ما يناسبهم وما لا يناسبهم ويحصي عليهم أنفسهم و يراقبهم في كل حركاتهم وسكناتهم.
يبقى بطل الروايه هو وزوجته في بيتهم بعد أن غادرو لديهما إلى جبهة الحرب ويحاول طم\انة زوجته وفي الوقت نفسه يجد نفسه متناقضا لأنه يرى أنه لا شيء يستحق الحياه ولا شيء يمكن ان يشجع على فكره ان يتحسن الامر ولا بالتفاؤل في هذا البلد.
وتقوم السلطات بنقل جميع السكان في تلك المدينه إلى مكان جديد يسمى المدينه الشفافه ويقال لهم أنه أكثر نظافه ويشتمل على مساحه مغلقه شفافة حيث لا يمكن لأي شيء سيء أن يختبئ ويلحقهم بهم ضرار. المسؤولون في تلك المدينه لا يفكرون بالنيابه عنهم بل يفكرون فيهم في راحتهم.
يحدثهم شرطي المنطقه التي يسكنوها بعقلانيه شديده، ويقول ماتامره به الحكومة أن يقوله، ومن المفروض أن الحكومه تعرف جيدا لماذا تأمر بمثل هذه الأشياء.
ويخبرونهم بأن المدينه شفافه وليست سجنا أومنفى بل هي ملاذ.
ويكؤد لهم الشرطي، بانهم في المدينه الجديده سوف يعلمونهم كيف سيكسب كل منهم قوت يومه وانهم فكر في وظائف للجميع للتماشى مع مؤهلاتهم وخبراتهم. لكي لا يتحامقأو يتبالد أحد ويبقى من دون عمل لأنه لاشيء يشتت الإنسان ويصغر من منفعته أكثر من الكسل. كما يحظر في المدينه الشفافه الشغب والفوضى.
ويعترف بطل القصة بأن في البداية كان متحمسا لهذه القكرة لاعتقاده بإن كل ماهو جيد يبنى على أساس النظام، وأما ماهو دونه فيكون مرتعا للقذرين والوقحين والتنالة وصغار اللصوص.
قبل الانتقال الى المدينه الجديده توجب عليهم حرق منازلهم وكان حرق المنزل مهمه بطل الرواية ، ولا يفهم لماذا هدر البنزين لحرق المنازل في وقت الذي الشعب في أمس الحاجه إليه، إنه يستطيع حرق البيت ببعض الكحول والورق المقوى والصوف. ولكن الاوامر تأتي على أوراق مختومة ومن الافضل الامتثال لها دون تردد حتى لاتثير الشبهات وتشق الصف وبالاخص في أوقات الحرب وفي ظل وجود أعداء مستعدين لاستغلال اي فرصه لإلحاق الاذى بالروح المعنويه.
في المدينه الشفافه يشف كل شيء عن الاخر فخلف كل مربع سكني كان يرى الذي يليه وذلك الذي يليه ما أربك الرؤيا لكن كان كل شيء بالمثل نظيف او مرئيا لم يكن ثمه طيف لمخبأ أو مكان لا يصل إليه النور في المدينه.
عندما ادراك الواقع شعر بالأسف لتصديقه تلك الدعايه الملعونه التي قدموها له فوق طبق من خزف من دون معارضه او اسئله يشعر يأحشائه تثور داخله من شده الاشمئزاز وفكر في الفخر الغبي الذي شعر به من اوسمه الولدين وفي انهما قد لقيا حتفهما وتعرضا للأسر وندم على جلبهما لهذا العالم.
0 تعليقات